عندما كان القمر يُراقب النجوم فرحاً بها ...
و الظلام قد خيم على المكان..
كانت الرياح تداعب أوراق الشجر الخائفه..
تُبشرُها بقدوم فجر جديد ...و يوم جميل
كُنت أنا.. واقفه هنــاك
لأنظر أو لأُراقب..
أو لأٌمتع ناظري برُئيته ..... هنــــــاك
بعيداً عني ..
لا أتذكر ملامحه...و لَكنني أتخيل هيئته
كان يرتدي ثوباً...لونه كللون القمر أبيض
أضاء به ذلك الشارع المظلم...
وقد وضع يده اليمنى على صدره..
وكأنهُ يُحاول حمايتها من ذلك البرد القارص..
و الثانيه كانت قريبه من أُذنه... ليتحدث مع أحدهم
و أنا واقفه أراقب..
و كأنني كُنت أنتظره لينتهي...فيأخُذني معه
أو لأتخيل نفسي ذلك الجهاز اللذي يُمسكه بيده..
أو..أحد أغراضه الموجوده في جيبه..
أو .. تلك اليدين التي يغمُر بهما صدره
و في وسط تلك الأحلام و التخيُلات
وجدته رافعً رأسه لحظات يتأمل في السماء..
و كأنه يبحث عن شيء مـــا..
و دون أن أشعر ...
رفعت رأسي إلى السماء ...لأتأملها مثله..
أو لأبحث عن ما هو يبحث عنه..
كُنت أتمنى أن أرى تلك الملامح الجذابه مرسومه
في السماء بنجومها المضيئه..
فأستطيع أن أتأملها مثله دون حياء أو خجل..
ثم عُدت لأنظر إليه...فسقط نظري على يده
فوجدته يُمسك بشيء بين إصبعيه ..
كان يصدر منها ضوء خفيف..و بعض الدخان المتطاير
لحظتها وقفت ساكنه ... شعرت بضيق في صدري
بدأت دقات قلبي تتسارع خوفاً و دفئاً...
إلى أن وضعها في فمه....و بدأ يأخذ أنفاسهُ منها
كان الدخان يتزايد..و كأنه يتصارع مع ذرات الإكسجين
لكي يصل إلي فأستنشقه..
شعرت بأنه يجري في عُروقي..
يتوزع بين أجزاء جسدي..
يدخل في تكوين كُل خليه من خلاياه..
كُل هذا لأنها كانت تصدر من أنفاسه..
لم أكن أشم رائحة الدخان..بل كٌنت أشم رائحته
رائحة أنفاسه .... جسده.... ذكراه
إلى أن صحوت من غيبوبتي ...
فسألت نفسي لماذا أنا هُنا..؟؟!
لماذا أنظر إليه... لماذا أتأمله؟؟
إنه ليس لي ... إنه لغيري
حتى أنه لم يراني .. ولم يشعر بوجودي
وقوفي هنا سيزيد من عذابي.. سيقتلني
لذلك يجب أن أنساه ...يجب أن أرحل
أبتعد عنه ..
أنزعه من قلبي قبل أن أموت عذاباًً
هيا أغمضي عينيك و سيري بعيداً.. سيري دون توقف
إلى أن تشعُري أن حُبك قد مات و دفن..
أو ضاع في الهواء مثل ذلك الدخان المتصاعد..